خطبة الجمعة في 27/ 5/ 1430هـ
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
خطبة الجمعة في 27/ 5/ 1430هـ
حيتنا بين هموم الدنيا والأخرة 27/5/1430هـ
الخطبة الأولى
الخطبة الأولى
الحمد لله شرح الصدور بالإسلام، وهدى البصائر بالقرآن. عز ربنا وتبارك، نعمه لا تحصى، وفضله لا يحد، فله الحمد كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وله الحمد كما يحب ويرضى. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله استقام كما أُمر، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان، صلاةً وسلاماً دائمين إلى يوم الدين . أما بعد عباد الله :
جبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأكدار
من هي ياعباد الله ؟ إنها الدنيا دار الهموم والغموم دار لا بد أن يعيش فيها الإنسان وكل إنسان لا بد أن يعيش فيها مهموماً ، ولكن ما هي أنواع الهموم التي يعيشها الإنسان ؟ تنقسم هموم الإنسان في هذه الدنيا إلى نوعين : بعضها دنيوي، وبعضها أخروي، فمن الهموم الدنيوية وما أكثرها: همّ الدراسة للطلاب ، الرزق والوظيفة، حاجات الأسرة، أعطال السيارة، مشاكل الأبناء، أخبار الفريق الكروي لدى بعض الشباب . . . ....
ومن الهموم الأخروية: أحوال المسلمين، عذاب القبر، أهوال القيامة، المصير إلى الجنة أو إلى النار، تربية الأبناء على كتاب الله وسنة رسوله ، كيفية القيام بحقوق الوالدين ، هم الدَين وسداده للخلوص من حقوق العباد. . . .
والإنسان يعيش في وسط هذه الهموم، إذ الدنيا معاشنا، والآخرة معادنا، فكل منها مصلحة للإنسان ، لكن ينبغي على المسلم أن يعطي كلاً من الدنيا والآخرة قدرها ، فلا يغلب جانب على جانب ، وينبغي على الإنسان أن يتخفف من شواغل الدنيا وهمومها، ويجعل همّه وشغله في مسائل الآخرة، وهذا ما أرشدنا إليه النبي بقوله: ((من جعل الهموم همّاً واحداً هم المعاد كفاه الله همّ دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك)) وفي رواية: ((من كان همه الآخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا فرّق الله عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له))
السؤال: ما هو الهم الأول الذي يسيطر على حياتنا، وهو الهم الذي يسميه النبي الهم الأكبر، وذلك في قوله: (( ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا)) هل هذا الهم من هموم الدنيا أم من هموم الآخرة؟ قال علي بن أبي طالب: (ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل)
من أراد أن يعرف الهم الأكبر الذي يشغله فلينظر في أحواله: ما الذي يفكر فيه قبل نومه أو في صلاته؟ ما الذي يفرحه ويحزنه؟ وما الذي يغضبه؟ما هي أمنياته؟ وبماذا يدعو الله في سجوده؟ وما الذي يراه في منامه وأحلامه؟ ما الأمر الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في قراراته كاختيار الزوجة ومكان السكن، هل همه الجمال وإيجار الشقة أم الدين والجوار من المسجد؟ وهكذا.
وسوف نستعرض بعض هموم الأنبياء والصالحين لنتخذ منه العبرة والعضة :
أنبياء الله هم أصدق الناس طوية، تجردوا عن حظوظ أنفسهم وعاشوا من أجل بلاغ دينهم، فكانت الآخرة همهم. هذا نوح عليه السلام يمكث في دعوة قومه قرابة الألف عام، وهو يدعوهم إلى طاعة الله وعبادته، وليس له من هم إلا ذاك {قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً} ، { ثم إني دعوتهم جهاراً * ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً} .
وهكذا نبينا عليه الصلاة والسلام فقد عاش يحمل هم أمته عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك أن ربه عاتبه وهون عليه ما يجده من هم وحزن لعدم إيمان الكفار بدعوته، ومنه قوله تعالى: { لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين}{ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون}
ونرى في حياته هم الدعوة - وهو من هموم الآخرة - جلياً واضحاً ومن ذلك أنه لما ذهب إلى الطائف يدعوا أهلها إلى الإسلام كذبوه وأغروا به السفهاء فضربوه وأدموه، لكنه عليه الصلاة والسلام شغله هم الدعوة عن جراحه، فعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: ((لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً)) رواه البخاري ومسلم . ولو كان همه لنفسه لطلب العجلة في قتلهم وعذابهم، لكنه مشغول بهدايتهم، فقد جاء في تمام الحديث: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً))،
وبقي همه الدين حتى آخر حياته فعن علي قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)) وطوال حياته كان فرحه للآخرة وحزنه وغضبه كذلك: فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها)
وقال له أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله قد شبت! قال: ((شيبتني هود والواقعة والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)) رواه الترمذي . قال أبو الطيب: وذلك لما في هذه السور من أهوال يوم القيامة والمثُلات والنوازل بالأمم الماضية
بارك الله لي ولكم في العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله الذي أكمَل لنا الدينَ وأتمّ علينا النّعمة، وجعل أمّتَنا خيرَ أمّة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له شهادةً تكون لمن اعتَصم خيرَ عِصمة ، وأشهد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن أقتفى أثرهم . أما بعد :
عباد الله : تلك بعض هموم الأنبياء . فماذا كانت هموم سلفهم الصالح ؟ لقد ورثوا الأنبياء في هموم الأخرة ويظهر ذلك في أمانيهم وأحلامهم وتتبع أحوالهم، ومن ذلك
أن عمر قال لأصحابه يوماً: (تمنوا، فقال رجل منهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله عز وجل، فقال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله عز وجل وأتصدق به،ثم قال: تمنوا، قالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين. قال عمر: لكني أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح)
وكان الصحابة رضي الله وعنهم يبيتون بهم الدين في قلوبهم وقصة الأذان لديكم معلومة فقلد رأى عبد الله بن زيد الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له: يا رسول الله إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت، فأراني الأذان .
وكان هم الإسلام والآخرة في صدورهم حتى الرمق الأخير من حياتهم، لما كان يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يأتيني بخبر سعد بن الربيع الأنصاري)) فقال رجل: أنا يا رسول الله فذهب الرجل يطوف بين القتلى فقال له سعد بن الربيع: ما شأنك فقال له الرجل: بعثني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم لآتيه بخبرك قال: (فاذهب إليه فاقرأه مني السلام، وأخبره أني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة وأني قد أنفذت مقاتلي، وأخبر قومك أنه لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد منهم حي)
هذه كانت هموم السلف الصالح فما هي همومنا نحن إنها هموم دنيوية بحته ، فبعضنا لم يخطر على باله هم واحد من هموم الأخرة ، ولقد رغب رسوال الله في الإهتمام للأخرة فمن ذلك ما روى أبي سعيد الخدري و أبي هريرة عن النبي قال: ((ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)) رواه البخاري ومسلم . وعن عائشة قالت سمعت أبا القاسم يقول: ((من كان عليه دين همه قضاؤه أو هم بقضائه لم يزل معه من الله حارس))
أما ما يخفف على الإنسان الهموم فقد أخبر النبي أن للهموم علاج يذبها بإذن الله تعالى ومنها : الدعاء : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)) رواه الإمام أحمد
ومن علاج الهموم الاستغفار: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب))
ومن علاج الهموم الصلاة على النبي : فعن أبي بن كعب في الحديث المشهور قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك))
ومن علاج الهموم وهو أعظم علاج الصلاة: فعن حذيفة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى).و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها)) نسأل الله أن يزيل همومنا ويكشف عنا غمومنا
ألا وصلوا وسلموا على خير الخلق محمد بن عبد الله، عليه من ربه أفضل الصلاة وأتم التسليم فقد أمرنا الله بذلك { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأزواجه وذريته ورض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين، المهاجرين منهم والأنصار وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وجودك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.
اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين. برحمتك يا أرحم الراحمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
أبو علي- عدد المساهمات : 399
تاريخ التسجيل : 28/04/2008
رد: خطبة الجمعة في 27/ 5/ 1430هـ
ما شاء الله تبارك الله ...
وأسأله عز وجل أن يزيدك من علمه ويغدق عليه من كريم فضله ويفقهك في الدين وينفع بما تقول ويرزقنا الله وأياكم الإخلاص في القول والعمل .
وأسأله عز وجل أن يزيدك من علمه ويغدق عليه من كريم فضله ويفقهك في الدين وينفع بما تقول ويرزقنا الله وأياكم الإخلاص في القول والعمل .
أبوعمر- عدد المساهمات : 75
تاريخ التسجيل : 24/02/2009
رد: خطبة الجمعة في 27/ 5/ 1430هـ
اللهم آمين ولك بمثل ما دعوت به ولك مني الشكر والتقدير
أبو علي- عدد المساهمات : 399
تاريخ التسجيل : 28/04/2008
مواضيع مماثلة
» خطبة الجمعة في 20/ 5/ 1430هـ
» خطبة الجمعة 5/6/1430هـ
» خطبة الجمعة في 12/6/1430هـ
» خطبة الجمعة في 19/6/1430هـ
» الجمعة أول أيام شهر محرم
» خطبة الجمعة 5/6/1430هـ
» خطبة الجمعة في 12/6/1430هـ
» خطبة الجمعة في 19/6/1430هـ
» الجمعة أول أيام شهر محرم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى