قبيلة ال عبدالحميد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خطبة الجمعة 5/6/1430هـ

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

خطبة الجمعة 5/6/1430هـ Empty خطبة الجمعة 5/6/1430هـ

مُساهمة من طرف أبو علي السبت مايو 30, 2009 10:04 am

الوصية 5/6/1430هـ
الخطبة الأولى


الحمد لله الداعي إلى بابه، الموفق من شاء إلى صوابه، أنعم بإنزال كتابه، يشتمل على محكم ومتشابه، أحمده على الهدى وتيسير أسبابه، وأشهد ألا إله إلا الله، شهادة أرجو بها النجاة من عقابه. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أحرص الناس على ثوابه، وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن كان دربهم مشابه . أما بعد فاتقوا الله ـ عباد الله ـ وعظموا أمره واجتنبوا مساخطه، وخذوا من أيامكم عبراً، واستوصوا بأنفسكم وأهليكم خيراً.

أيها المسلمون، ابنُ آدم يتقلب في هذه الحياة ـ ما أمد الله له من العمر ـ يتقلب مراحل وأطواراً من الطفولة والشباب، والكهولة والهرم، يمر خلالها بأحوال من العسر واليسر، والفقر والغنى، والحزن والسرور، والصحة والمرض، والقوة والضعف، وهو في جميع هذه الأطوار، وفي كل تلك الأحوال بحاجة إلى التذكر والتذكير، والوصايا والتوجيه. بحاجةٍ إلى التوبة النصوح، والثبات على الحق، وتحري العدل، واحتساب الثواب، وإحسان الظن بربه، متقلباً بين الرغبة والرهبة، والخوف والرجاء: { نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلاْلِيمُ} { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱلَّيْلِ سَـٰجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ ٱلاْخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ}

كل ابن آدم بحاجة إلى هذا.. غير أن هناك فئاتٍ . قد ينسيهم حرصهم على حقوقهم، وتنميتهم أموالهم ـ ينسيهم ذلك ـ حقوق الآخرين من أصحاب الديون والودائع، أو ذوي الفقر والحاجة من الأقربين وغير الأقربين، فإذا ما أصابته مصيبةٌ أو أحسَّ بدنوِّ أجله؛ راجع نفسه، وندم على ما أسلف، ولقد علم الله اللطيف المنان ضعف هذا المخلوق، فهيأ له برحمته فسحة، وفتح له باب أمل من أجل أن يعمل صالحاً، وكما شرع له ميدان حسنات حال الحياة؛ فقد شرع له فرصاً بعد الممات، وفي مثل هذا جاء قوله عليه الصلاة والسلام: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) رواه مسلم وغيره واللفظ له. وفي حديث آخر: ((إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم)) رواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة.

ولمثل هذا شرعت الوصية، وتكاثرت النصوص في الحث عليها. إذا وُجد مقتضيها: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ شَهَـٰدَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ أَوْ ءاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}

وفي الحديث الصحيح: عن ابن عمر - رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين)) وفي رواية: ((ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة)). قال عبد الله بن عمر: ((ما مرت عليَّ ليلة منذ سمعت رسول الله قال ذلك، إلا وعندي وصيتي)) متفق عليه، واللفظ لمسلم، وفي حديث آخر حسن الإسناد: ((المحروم من حرم وصيته)) ، وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: من صواب الأمر للمرء أن لا تفارقه وصيته. ((ومن مات وقد أوصى مات على سبيلٍ وسنة))

معاشر الأحبة، من لزمته حقوق شرعية لله أو لعباد الله، من زكواتٍ وكفاراتٍ وديونٍ وودائع، فليسارع في أدائها، وليبادر إلى قضائها، ما دام قادراً على الأداء، متمكناً من القضاء. وإلا فليوصِ بذلك وصيةً واضحةً في لفظها ومعناها، مجودة في كتابتها، عادلةً في شهودها، من أجل أن تُحمد سيرتُه، وتُحفظ حقوقُه، ولا يبقى أهله من بعده في منازعات، ويلقى ربه وقد أدى ما عليه، وأبرأ ذمته، وابيضت صحيفته، وحسنت بإذن الله خاتمته، وخف في الآخرة حسابه، ومن قصَّر فقد تعرض لحرمان الثواب، وأهمل في براءة الذمة.

ومن لم تكن عليه حقوق، ولا تلزمه واجبات وله ورثة محتاجون وذرية ضعفاء، فليبدأ بهم، ولا يقدِّم عليهم وصيته؛ لأنهم أحق بماله وأولى بمعروفه، وأعظم في ثوابه { وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضِعَـٰفاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} . وقد قال عليه الصلاة والسلام لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ((إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس)) متفق عليه واللفظ للبخاري. وفي الخبر الآخر: ((ابدأ بنفسك ثم بمن تعول)) أصل ذلك في الصحيحين. وأراد رجل أن يوصي فقال له علي رضي الله عنه -: (إنك لم تترك مالاً طائلاً، إنما تركت شيئاً يسيراً فدعه لورثتك). وسأل رجل عائشة رضي الله عنها فقال: إن لي ثلاثة آلاف، وعندي أربعة أولاد أفأوصي؟ قالت: اجعل الثلاثة للأربعة. أما إذا فاض مال الله عندك، وبسط الله لك في الرزق، فلتدخر لنفسك عملاً صالحاً، وصدقة جارية، يمتد لك ثوابها، ولتبدأ بالأقربين من غير الوارثين، فهم أحق ببرك وأولى بفائض مالك، حتى لا يتعرضوا لمهانة الفقر، وذل الحاجة، وإنه لك في ذلك صدقة وصلةٌ، وليحزم المسلم أمره، ولا يؤخر إلى شهود أمارات الموت. جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان..)) متفق عليه واللفظ للبخاري

وليُعلم ـ وفقكم الله ـ أن وجوه البر كثيرة، من فقراء الأقارب غير الوارثين، وعمارة المساجد وخدمتها، وبناء الأربطة والمساكن للمحتاجين من أهل العلم والفضل والصلاح، وقضاء ديون المعسرين، والصدقة على المحاويج، والإنفاق على طلبة العلم، وتعليم القرآن، وسقي الماء، وتعبيد طرق المسلمين، وطبع الكتب المفيدة ونشرها، والوصية بالحج والأضاحي عن نفسه وغيره، وهذا الباب بفضل الله واسع ووجوه البر فيه لا تنحصر.

ثم احذروا وصية الإثم والجَنف، وإياكم والمضارة بالوصية، وقد قال نبيكم محمد : ((إن الرجل ليعمل- والمرأة- بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار)) ثم قرأ أبو هريرة راوي الحديث: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارّ وَصِيَّةً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ * تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ} روى الحديث أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح غريب، وهو عند ابن ماجة بلفظ مقارب

إن من صور الإضرار بالوصية ـ عياذاً بالله ـ أن يقرَّ بكلِّ ماله أو بعضه لغير مستحقٍّ، أو يُقِرَّ على نفسه بدين لا حقيقة له من أجل أن يمنع الوارث من حقِّه، أو يبيع شيئاً بثمنٍ بخسٍ، أو يبيع بيعاً صورياً، أو يشتري بثمنٍ فاحشٍ من أجل أن يضر بالورثة ويمنعهم حقوقهم أو يبخسها، وتحرم الوصية للوارث، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم.

والوصية لا تصح في الأمور المبتدعة، والمسائل المحرمة كالنياحة، والتبذير، والبناء على القبور، والتكفين بالحرير والديباج والدفن في المسجد أو في بيت خاصٍ، إلا أن يجعل ذلك مقبرةً عامةً للمسلمين. ذكر ذلك فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم رحمة الله على الجميع. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ . أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية


الحمد لله إقراراً بوحدانيته، والشكر له على سوابغ نعمته، اختصَّ بها أهل الصدق والإيمان بصدق معاملته، ومنَّ على العاصي بقبول توبته، ومدَّ للمسلم عملاً صالحاً بوصيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفضَّل على جميع بريته. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أن من أدب الوصية أن يوصيَ المسلم بنيه وأهله وأقاربه، ومن حضره واطَّلع على وصيته يوصيهم بتقوى الله وطيب العمل، وإن لكم في إبراهيم وبنيه عليهم السلام أسوةً، وفي نبيكم محمد أعظم قدوة { وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرٰهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَـٰبَنِىَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} وأوصى محمدٌ بكتاب الله، وقال: ((الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم)) ، وحذَر من الفتن، وأمر بالطاعة ولزوم الجماعة، وأوصى بأصحابه السابقين وبالمهاجرين وأبنائهم، كما أوصى ابنته فاطمة رضي الله عنها إذا هو مات أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعلى المسلم ان يوصي أهل بيته عدم النياحة ورفع الصوت في البكاء عليه حتى لا يعذب ببكائهم فإن من أوصاهم بعدم النياحة ورفع الصوت في البكاء عليه نجي بإذن الله من العذاب المترتب على ذلك .

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وسيدنا وقدوتنا وحبيبنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق وعمرالفاروق وعثمان ذي النورين وعلي أبي السبطين وعن السبطين العلمين وعن أصحاب بدر والعقبة وعن آل بيته الطيبين الطاهرين وعن الطاهرات أمهات المؤمنين وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الملة والدين ودمر الطغاة والملحدين والصهاينة المعتدين ، اللهم أصلح أحوال أمة محمد اللهم وفق إمامنا إلى ما فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشدٍ يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء، اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، ربنا تقبل منا إنك أنت المسيع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. {رَبَّنَا ءاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
أبو علي
أبو علي

عدد المساهمات : 399
تاريخ التسجيل : 28/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطبة الجمعة 5/6/1430هـ Empty رد: خطبة الجمعة 5/6/1430هـ

مُساهمة من طرف أبوعمر الأربعاء يونيو 10, 2009 9:54 pm

اللهم يارب السموات والأرض ياحي ياقيوم أنر قلبه وسدد رأيه ويسر للخير خطاه ووفقه لكل ما تحب وترضى .
أبوعمر
أبوعمر

عدد المساهمات : 75
تاريخ التسجيل : 24/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطبة الجمعة 5/6/1430هـ Empty رد: خطبة الجمعة 5/6/1430هـ

مُساهمة من طرف أبو علي السبت يونيو 13, 2009 6:43 am

جزاك الله خير على الدعواة ولك بمثلها
أبو علي
أبو علي

عدد المساهمات : 399
تاريخ التسجيل : 28/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى